martedì 29 gennaio 2013



بیان بمناسبة الذكرى 35
لأحداث 26 جانفي 1978

ننشر فيما يلي بيان الإتحاد العام التونسي للشغل حول مرور35 سنة على أحداث 26 جانفي1978 مساهمة منا لإثراء الحوار حول شهداء وضحايا تلك الأحداث 


یحیي الشغالون الیوم، الذكرى الخامسة والثلاثین لأحداث 26 جانفي 1978 ، وفاءً لأبطال تلك الملحمة التاریخیة التي
خاضها مناضلو الاتحاد العام التونسي للشغل وعموم التونسیین الذین انتفضوا ضدّ سیاسات الاستبداد والاستغلال
والتفقیر، تخلیدا لذكرى من سقطوا منهم فداء للحریة والاستقلالیة والكرامة الوطنیة وفي مقدّمتهم سعید ڤاڤي
وحسین الكوكي، ولكن أیضا لاستخلاص الدروس والعبر.
الأخوات والإخوة
یا عمال تونس الأحرار
لم تكن أحداث 26 جانفي 1978 ولیدة الصدفة ولا هي حركة معزولة عن سیاقها التاریخي ولا كانت مؤامرة أو
مجرّد رد ةّ فعل كما یسوّق إلى ذلك البعض بل كانت تعبیرا عنیفا ومكثّفا عن حالة التأزم السیاسي والاقتصادي
والاجتماعي التي آلت الیها البلاد.
فعلى الصعید السیاسي شكّلت خلافة الرئیس الحبیب بورقیبة محور الصراع داخل الدولة وصلب الحزب الاشتراكي
الدستوري الحاكم، صراع بین جناح المحافظین المتشددین المتمسكین بالهیمنة على المجتمع وإبقاء كل مكوناته تحت
السیطرة التامة وجناح اللیبرالیین الذین یدعون إلى منح جرعة من الحریات الضروریة لازدهار رأس المال واستقرار
اقتصاد السوق، صراع أفسدته لعبة التسابق نحو الخلافة فغاب الحوار والتوافق… وخسرت تونس فرصة تاریخیة
لتغییر حقیقي…
وعلى المستوى الاقتصادي كان لأزمة الرأسمالیة العالمیة في أواسط السبعینات من القرن الماضي تأثیرٌ واضح
ومباشر على الوضع الاقتصادي في تونس بحكم تبعیة اقتصادها للدوائر العالمیة تسبّب في تفاقم التضخّم المالي
وانخفاض سعر الدینار أمام العملات الاجنبیة وانكماش التصدیر نحو السوق العالمیة ممّا أد ىّ الى انتشار البطالة
وتدهور المقدرة الشرائیة الناجم عن تجمید الأسعار. كما كان للاختیارات التنمویة المعتمدة والانفتاح على رؤوس
الاموال الاجنبیة في إطار قانون 1972 أسوأ الآثار على الاقتصاد الوطني وعلى النسیج الصناعي التونسي ممّا
أفقدهما مقومات المناعة ضد تقلّبات السوق العالمیة وارتهن قدرتَهما على توفیر فرص التشغیل وخلق الثروة وتأمین
شروط العیش الكریم، فتعمّقت الاختلالات الجهویة وتفاقمت ظاهرتا النزوح والهجرة وتزایدت نسب الفقر والتهمیش.
الأخوات والإخوة
یا عمال تونس الأحرار
لقد شكّلت هذه الاختیارات والتوجهات النیولیبرالیة عناصر خلاف بین الاتحاد العام التونسي للشغل والعمال وشریحة
واسعة من المجتمع من جهة والنظام القائم وقوى رأس المال المضارب من ناحیة أخرى.
وبدأ التباین في وجهات النظر یحتدّ منذ بدایة سنة 1975 لیأخذ شكل الصراع المعلن على امتداد سنة 1977 حیث
كثرت الاضرابات والتحركات الاجتماعیة.
ولم یعد موقف الاتحاد مقتصرا على توجیه النقد والمطالبة بالالتزام بالاتفاقیات المبرمة بل وصل حدّ المطالبة
بمراجعة الاختیارات السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة المتوخّ اة من قبل الحكومة، فقدّم النقابیون تصوّرات في
الغرض وأعدّوا بدائل ومقترحات للحدّ من التفاوت الطبقي وإعادة توزیع الثروة بأكثر عدل وانصاف وتحسین القدرة
الشرائیة والطلب الداخلي وظروف العمل والنهوض بانتاجیة المؤسسة ودیمومتها، كانت جمیعها تعبّر عن تنامي
الوعي العمالي والنقابي الذي تُوّج بانعقاد المجلس القومي للاتحاد ایام 8 و 9 و 10 جانفي 1978 لتكون قراراته بمثابة
القطرة التي افاضت الكأس.
الأخوات والإخوة
یا عمال تونس الأحرار
لقد سعى دعاة التشدّد والاستبداد إلى سدّ الطریق أمام أي تقارب بین الجناح اللیبرالي في السلطة والاتحاد العام
التونسي للشغل الذي تعاظم نفوذه وكبر شأنه إلى حدّ أصبح یرى فیه المتكالبون على الخلافة أن الاتحاد یمثّل عائقا
جدّیا لتمریر مخطّطاتهم الرامیة إلى الاستحواذ على الحكم، فراحوا یخطّطون للتخلّص منه تمهیدا لمصادرة المدّ
الدیمقراطي بتعبیراته الطلابیة والجماهیریة والحقوقیة والذي وجد لدى المنظمة الشغیلة التناغم المطلوب والتفاعل
الایجابي وترجمته شعاراتها المنادیة بالحریة والاستقلالیة والكرامة الوطنیة.
الأخوات والإخوة
یا عمال تونس الأحرار
ضدّ مقرات الاتحاد ومناضلیه في جمیع جهات البلاد یقودها أعضاء الدیوان السیاسي « التطهیر » لقد انطلقت حملات
القادة النقابیین. استنفار لوسائل الاعلام الرسمیة التي راحت تكیل « بتحریفیّة » للحزب الحاكم أنفسهم: تشهیر علني
أعداء النظام من » الاتهامات وتؤلّب الرأي العام ضدهم، حملات واتهامات كانت تهدف بالأساس الى اظهار أن
الشیوعیین والبعثیین قد استولوا على مراكز القرار والتسییر في المركزیة النقابیة لیحثّوا على الاضرابات الاجتماعیة
بل وصل الامر حدّ التخوین عبر اتهام القائد الرمز .« ویغرقوا البلاد في الفوضى ولیستولوا بالتالي على الحكم
الحبیب عاشور ومن خلاله الاتحاد العام التونسي للشغل بالتحالف مع قوى ودول أجنبیة لزعزعة النظام… إلى آخره
من التهم التي تكرّرت وتتكرّر ضد الاتحاد على امتداد عقود…
رُفِضَت كل الوساطات التي تقدمت بها شخصیات وجهات وطنیة وأجنبیة ولم ینفع المیثاق الاجتماعي المبرم منذ
جانفي 1977 بین الشركاء الاجتماعیین. كانت إرادة التخلص من الاتحاد لدى الجناح المتصلّب في السلطة أكبر من
أن تثنیها مصلحة البلاد ومستقبلها السیاسي والاقتصادي والاجتماعي.
وتحوّلت التهدیدات إلى هجومات واعتداءات على مقرات الاتحاد تقودها میلیشیات الحزب الاشتراكي الدستوري في
مختلف جهات البلاد في توزر وسیدي بوزید وزغوان وسوسة وقابس وصفاقس وتونس… وخلّفت دمارا هائلا ومئات
من القتلى والجرحى واعتقال عشرات القیادات النقابیة الذین ز جُ بهم في السجون بعد محاكمات صوریة مثّلت
وصمة عار في تاریخ القضاء التونسي.
الأخوات والاخوة
یا عمال تونس الاحرار
لقد كسب النقابیون، من خلال خوضهم لمعركة 26 جانفي 1978 التضحیات الجسیمة التي قدّموها وهم یتصدّون
لقوى التسلّط والحیف الاجتماعي والاستغلال الطبقي، شرف الدفاع عن استقلالیة قرارهم وعن قضایا الحریة
والدیمقراطیة والعدالة الاجتماعیة ممّا جلب لهم ولمنظمتهم الكثیر من التقدیر والاحترام في صفوف الشعب التونسي
ولدى الهیئات والمنظمات الدولیة ولعلّ من ابرز مكاسبها أنّها مثّلت منعرجا في اتجاه:
 تدعیم استقلالیة الاتحاد عن السلطة وعن الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم.
 المساهمة في فضح الطبیعة الطبقیة والاستبدادیة للنظام القائم وفي ابراز ارتباطه بالدوائر الامبریالیة وفي فضح
جشع الرأسمال الطفیلي.
 المساهمة في عزل النظام الحاكم داخلیا وخارجیا وحشد القوى الدیمقراطیة والتقدمیة ضده.
 اكتساب المنظمة الشغیلة اشعاعا محلیا ودولیا كبیرین وشرعیة نقابیة وشعبیة رسخت وجوده ووسعت نفوذه.
 أكّ دت أهمیة التضامن بین مكونات المجتمع في الدفاع عن قیم الحریة والدیمقراطیة والعدالة الاجتماعیة، كان من
أكبر تجلّیاته الوقفة الشجاعة لقطاع المحاماة مع النقابیین.
 أكّدت انه لا یمكن إلغاء دور الاتحاد العام التونسي للشغل باعتباره معبّرا ومدافعا عن القضایا العادلة للعمال ولنشطاء
الحریة والدیمقراطیة والمساواة وأن ما تعرّض له لم یزده إلا قوة وترسخا في وجدان الشعب التونسي.
الأخوات والإخوة
یا عمال تونس الأحرار
إن اتحادكم الذي خبر كل اشكال النضال ذود اً عن الحریة ودفاعا عن الشغالین في العیش الكریم وعن حقه في
الوجود بوصفه منظمةً مناضلةً حرة ومستقلةً قادرةً على تجاوز كل المحن وخوض كل المعارك من أجل أن یبقى قوة
بناء وتعدیل داخل مجتمعنا ولفائدة الاجراء والفئات المحرومة والمضطهدة في إطار علاقات قائمة علی الحوار
الاجتماعي البناء والمسؤولیة المجتمعیة المشتركة.
ومن هذا المنطلق احتضن اتحادكم ثورة شعبنا المجیدة من أجل الحریة والكرامة والعدالة الاجتماعیة وساهم من موقع
متقدم في صیاغة وتوحید شعاراتها وتصویب ودعم تحركاتها منذ انطلاقها یوم 17 دیسمبر 2010 حتى سقوط رأس
. النظام في 14 جانفي 2011
ومن هذا المنطلق حرص على حمایة أهدافها والتعاون مع فصائلها الثوریة من أجل تأمین المرحلة الانتقالیة وفق تمشٍّ
وفاقي یراعي مختلف المصالح ویستجیب لمختلف الاستحقاقات التي نادت بها الثورة.
الأخوات والإخوة
یا عمال تونس الأحرار
إن بلادنا تمرّ بوضع حرج للغایة لم یعد یقبل التجاذبات الایدیولوجیة والعقائدیة. إن شعبنا الذي ثار على نظام
الاستبداد والفساد ومن أجل حقه في الحیاة الكریمة وفي الحریة والدیمقراطیة وحقه في المشاركة والمواطنة وحقه في
العمل اللائق وفي الاستفادة ومن مقومات التنمیة بأكثر عدل وانصاف في مجالي التشغیل والتنمیة مازال ینتظر
الحلول التي تخرجه من دوامة الفقر والتهمیش وقد نفد صبره.
وإن مطالبة الاتحاد العام التونسي للشغل من خلال مبادرته للدعوة إلى حوار وطني من أجل التوصل إلى توافقات
حول سبل وآلیات إدارة المرحلة الانتقالیة وكذلك تأكیده على دسترة الحقوق الاجتماعیة والاقتصادیة، لا غایة له من
ورائها ولا مطمع له في التنافس على الحكم، إنما ذلك بوازع الوطنیة ووفاء لدوره باعتباره قوَّة تعدیلٍ واقتراحٍ مستقلة
.« أحبك یا شعب » وطرفا مؤتمنا على كلمة السرّ الذي أطلقها خالد الذكر فرحات حشاد
إن اقدامنا على إعداد مشروع للدستور حاولنا من خلاله تبلیغ وجهة نظرنا حول نظام الحكم الذي نطمح إلیه وحول
ملامح المجتمع الذي نریده إلى نوّاب الشعب في المجلس التأسیسي وكذلك اقدامنا على ابرام عقد اجتماعي مع شریكنا
الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقلیدیة والحكومة تأسیسا لعلاقات اجتماعیة نموذجیة تقوم على
احترام القانون والمواثیق الدولیة وعلى مفهوم جدید للعمل یُوائِم بین متطلّبات العمل اللائق ومقتضیات تنافسیة
المؤسسة، إن اقدامنا على كلّ ذلك إنّما للتعبیر عن إرادة حقیقیّة لدینا تعتقد أن خیار الحوار هو السبیل إلى التوفیق
بین المصالح ومعالجة الخلافات والتناقضات.
إن من یتوهّم یوما أن بإمكانه إلغاء دور الاتحاد وتغییب حضوره أو إرباك مسیرته أو الاعتراض على حقّه في ابداء
الرأي بشأن قضایا شعبنا واستحقاقات مجتمعنا إنّما هو فاقد للذاكرة ومجانب للصواب ومیّال إلى التغوّل والاستبداد
مثل سابقیه.
رابطات » إنّنا في مثل هذه المناسبة لا یسعنا إلّا أن نحیل المتح ّ ص نین زورا وبُهتانًا وراء ثورتنا المجیدة تحت عنوان
إلى معركة 26 جانفي التي خاضها الاتحاد ضدّ الاستبداد لیستخلصوا العبر ولیراجعوا حساباتهم « حمایة الثورة
الخاسرة – فما أشبه تلك الرابطات بمیلیشیات التجمع المنحلّ وما أشبه الملابسات التي حفّت بالاعتداءات التي
استهدفت الاتحاد في الذكرى الأخیرة لاغتیال حشاد العظیم من تجییش للمتطرفین والمرتزقة ومن استنفار لدور العبادة
في خرق تامّ للقانون ولمبدأ حیادیتها - ما أشبهها بالملابسات التي حفّت بالهجوم على الاتحاد عشیّة یوم 26 جانفي
على ید قیادات الحزب الاشتراكي الدستوري آنذاك ومیلیشیاته.
وفي انتظار أن تبوح أعمال لجنة تق ّ ص ي الحقائق التي أحدثت بیننا وبین الحكومة للتدقیق في ظروف الاعتداء على
مقر المركزیة النقابیة یوم 4 دیسمبر الماضي بنتائجها لنتبیّن جدیة النوایا المعلنة حول مقاومة العنف واستئصال
أسبابه فإنّنا نجدّد دعوتنا إلى الحوار والتوافق وإلى التضامن في وجه الإرهاصات الأمنیة والاقتصادیة والاجتماعیة
التي تتربّص ببلادنا وتهدّد مكتسبا ت ثورتنا.
كما نطالب مجدّدا بالكشف عن ملابسات الاغتیالات والتعذیب والاعتداءات على النقابیین وعموم التونسیین بمناسبة
الاضراب العام في 26 جانفي 1978 دفاعًا عن الحقیقة وتجسیما للانصاف والعدالة.
فلا عاش في تونس من خانها ولا عاش من لیس من جندها.
المجد لشهدائنا.
عاشت تونس حرّة منیعة.
عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حرّا مستقلًّا، مناضلا دیمقراطیا.
تونس، في 24 جانفي 2013
الأمین العام
حسین العبّاسي

Nessun commento:

Posta un commento